وفرقٌ بين مانؤمن به , وبين مايفرضه الواقع من خبرةٍ جعلت من البساطة صعوبة , بانحصارنا داخل فرضيات المجتمع وتحت سطوة التحدي , وإنهزامية الأرواح , فكان ارتكاب الفشل صعب , والوصول إلى تحقيق النجاح أصعب .
واكتشفت لاحقا أن مجرد العطاء , والبذل والتضحية , لا يعد نجاحا كاملاً بالمعنى المتنامي له , مالم يحقق الإستمرارية التي تكفل له البقاء والثبات حتى الممات , فقليلٌ مستمر خير من كثير منقطع ..
إن الخيرية الواردة هي مناط الجودة الشاملة ومنتهاها , لذلك ليس هناك نجاح دون جدوى وجودة .
فـــالجودة الإستمرار , وأما الجدوى فتحقيق الذات التي بعثرتها رياح البشرية , الهوجاء , من عهد تليد غابر في سابق الازمنة , بحكم الوصاية أو التبعية العمياء , و التي استمر بها العبث حتى تعلمت الذات قريباَ , أن لها الحق أن تكون مثلما تريد .
إن مجرد مباشرة التحدي لكل المعوقات والصعوبات والعقبات هو , " نجاحٌ ", وإن لم يرسم ملامح الحلم الذي نسعى لتحقيقه وحتى لو لم تصل بنا الجهود المصروفة إلى نتائج ترضي فينا الطموحات الآن , المهم أننا استطعتنا الخروج من دائرة الهزيمة الموصوفه بالمستحيل أو بما كان يسمى " لا فائدة "
ياسادة : لقد تأذت أُذني كثيراً بمصطلحات العجز والإنكفاء , لأني كنت أراها عرجٌ واضحٌ في جسم الإراده وخلل فني في لوحة التحكم .
واليوم وبعد أن قبلنا التحدي بكل إصرار , بات من السهل أن نصنع من المستحيل معجزه , بشرط أن يظل تعاطينا " الإستمرار " على ضوءٍ من أملٍ يكفل لنا الوصول ولو بعد حين .
إن فاكهة النجاح لذيذة , وتزداد لذة كلما أوليتها عناية أكبر وإهتماما أكثر .. ولك النظر إن شئت معي متأملاً هذا المشهد المُثير للدهشة والعجب , المستحق للملاحظة وللتفكير , والإستنتاج .
اسأل نفسك : كم يُصرف من وقت وجهد ومال على زراعة الشجر , وسقايتها , وتلقيحها , وحمايتها , وجنيها , وفي المقابل اطرح نفس السؤال بنفس القوة في التركيز , كم من وقت نصرفه في تناول وتذوق الثمر ؟؟
أجب وتأمل إجابتك فالفرق كبير جدا يعرف الغاية منه , أولي البصائر إن كانوا يدركون , إن الأمر الفكري في هذا المشهد لاينتهي عند هذا الحد فحسب , لأن هناك ثمة أمر آخر لجدير أن يُلفت الإنتباه إليه ..
إنه يكمن في طرفين أحدهما الثمر والآخر آكل الثمر وعليه يكون : الطعم ودرجة الحلاوة في الثمرة وأما الطاعمون للثمر فعليه يكون : عددهم وكم مرة سيتذوقون وهل التناول لايكون إلا في زمن المواسم فحسب أم أنها ستكرر في مواسم اخر , كلها أمور يحسن الإلتفات إليها حين العمل على بذر و زراعة أو حصد وجني العطاء .
إنها إشارات ضئيلة لنجم يُشع بالأفكار والرؤى والطموحات التي لاتنتهي إلا عند حد الأفق فلينهل ويكتسي منها ومن نورها أصحاب الإهتمامات الجديرة بصرف المهارة والوقت والمادة , للوصول بالموكب الفخم إلى سلامٍ داخلي يظهر جلياً بسلام حقيقي على أرض الواقع , تترجمه السلوكيات والأفعال والمواقف التي في محصلتها النهاية تُنسج في أوشحة متفردة , لتكون ثقافة عامة لمجتمع أحب الحُسن ظاهراً وباطناً , فكان لائقاً به أن يسمى بالحَسن ,ولله درّ الحَسن والحُسن .
وأما الإحسان ما أعظمه ,فــ سقفٌ رفيعٌ يعتلي كل بناء , أسسه الحب , وشيّده اليقين , وأحاطه الإخلاص بسياج منيع لا يصدأ أبدا .
إنها ورب العطاء المهمة الصعبة ..